بهدف رفع مستوى مهنة المحاماة وتطويرها على أسس حديثة وكذلك لتحسين بيئة الاستثمار والأعمال في المملكة، بالإضافة إلى إنهاء الممارسة العشوائية للتعامل مع مكاتب المحاماة الأجنبية والتي لها آثار سلبية على الخدمات القانونية التي تقدم في المملكة العربية السعودية. أصدرت الحكومة السعودية منذ أيام اللائحة التنفيذية لتنظيم مكاتب المحاماة الأجنبية التي تسعى إلى تقديم خدماتها القانونية على أرض المملكة بشكل رسمي.
وتأتي هذه اللائحة في أعقاب تعديل نظام المحاماة السعودي الذي سمح لمكاتب المحاماة الأجنبية – وفق شروط محددة – لممارسة أعمالها داخل المملكة العربية السعودية، حيث أفرد لهذه المسألة الباب الخامس من نظام المحاماة السعودي المعدّل في فبراير 2022.
على مدى عقود، اعتمدت الطريقة التي تقدم بها مكاتب المحاماة الأجنبية خدماتها القانونية إلى عملائها في المملكة العربية السعودية على ما يسمى باتفاقيات “الشراكة/ الانتساب/ التعاون”.
كانت هذه العلاقات محفوفة بالمخاطر من وجهات نظر متعددة، تتمثل أهمها في: تجنّب تلك المكاتب متطلبات الترخيص والتهرب من دفع الضرائب عن ممارسة أعمالها داخل المملكة. تعريض المحامي أو الشركة السعودية لمخاطر قانونية وتجارية لا داعي لها.
من ناحية أخرى، غالبًا ما أربكت هذه الاتفاقيات العملاء المتعاملين مع المكاتب المرتبطة باتفاقات شراكة أو انتساب أو تعاون بشأن حقيقة الطرف الذي يتعاقدون معه، بحيث لا يكون واضحاً – في أغلب الأحوال – هل هو المكتب السعودي أم المكتب الأجنبي. كما أن هذا النوع من الاتفاقيات لم يشجع شركات المحاماة الأجنبية للاستثمار في قطاع الخدمات القانونية في السعودية لأن السيطرة كانت تُمارَس فقط تعاقديًا، ولا تستطيع شركة المحاماة الأجنبية الاستثمار في الأصول لصالحها بناء على تلك الاتفاقيات.
ومن ناحية ثالثة، فعلى الرغم من أن هذه الاتفاقيات حددت نطاق العلاقة بين المكتب السعودي والمكتب الأجنبي بشكل تفصيلي يتناول كافة الأمور المالية والتنظيمية، إلا أنه – في معظم الأحوال – كانت تخفي في طياتها غموضاً بشأن حقيقة تلك العلاقات على أرض الواقع، حيث استغلت بعض مكاتب المحاماة الأجنبية المكاتب الوطنية المتعاقدة معها كفرع لها في المملكة العربية السعودية، في حين لجأت بعض المكاتب الأجنبية الأخرى إلى ترك العلاقة فضفاضة تسمح باندماج أعمال المكتبين الوطني والأجنبي في كل ما يتعلق بتقديم الخدمات القانونية.
مع وجود إطار منظم رسمياً لتمكين شركات المحاماة الأجنبية ذات السمعة الطيبة من تقديم خدماتها القانونية في المملكة، لا شك بأن الوضع سوف يتغير إلى الأفضل، سواء بالنسبة لمكاتب المحاماة الوطنية أو الأجنبية، بل إنه يمكن القول بأن هناك فرصة واعدة لشركات المحاماة الأجنبية للاستثمار في الأصول وتحقيق الأرباح من تقديم خدماتها القانونية داخل السعودية بشكل قانوني ومنظم.
حيث سمحت اللائحة التنفيذية لتنظيم ترخيص مكاتب المحاماة الأجنبية الصادرة بالقرار رقم 186 في 25/1/1444 لمكاتب المحاماة الأجنبية التي تتمتع بسمعة دولية متميزة في مزاولة مهنة المحاماة لأكثر من عشر سنوات ولها حضور دولي سابق في الدول المتقدمة اقتصاديًا، بالاختيار بين خيارين لتقديم خدماتها في المملكة العربية السعودية والتي تقوم بإنشاء “شركة خدمات مهنية” مع محامٍ/ مكتب محاماة سعودي، أو فتح “فرع” للشركة الأم في المملكة العربية السعودية.
كما أمهلت اللائحة المحامين السعوديين الذين ارتبطوا مع أحد مكاتب المحاماة الأجنبية بأي اتفاقيات “شراكة/ انتساب/ تعاون” مهلة محددة لإنهاء تلك الاتفاقيات، أو إعادة هيكلتها لتلبية المتطلبات الجديدة. مما يؤدي إلى تلافي المشكلات التي كانت قائمة قبل صدور تلك اللائحة.
بالإضافة إلى شرط تتمتع مكتب المحاماة الأجنبي بسمعة دولية متميزة في مزاولة مهنة المحاماة لأكثر من عشر سنوات وأن يكون له حضور دولي سابق في الدول المتقدمة اقتصاديًا، اشترطت اللائحة التنفيذية لترخيص مكاتب المحاماة الأجنبية عدة متطلبات جوهرية يجب على مكاتب المحاماة الأجنبية مراعاتها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بإقامة الشركاء، والقيود المفروضة على إحالة العمل إلى شركات خارج المملكة، وتدريب وتطوير المحامين السعوديين، ووجود الدعم الإداري المناسب على أرض الواقع.
حيث نصت المادة الخامسة والأربعون من نظام المحاماة السعودي على أنه “يشترط للترخيص لمكتب المحاماة الأجنبي لمزاولة مهنة المحاماة في المملكة ما يأتي:
بالإضافة إلى ما سبق، اشترطت اللائحة التنفيذية ألا يكون قد صدر ضد مكتب المحاماة الأجنبي حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو قرار نهائي في مخالفة مهنية جسيمة، ما لم يكن قد مضى على انتهاء تنفيذ الحكم أو القرار خمس سنوات على الأقل قبل التقدم بطلب الحصول على الترخيص.
يتم تقديم طلب الترخيص إلكترونياً مرفقاً به المستندات الآتية:
من ناحية أخرى، لا يجوز لمكتب المحاماة الأجنبي مزاولة المهنة قبل أن يتم تسجيله في عضوية الهيئة السعودية للمحامين، واتخاذ مقر لمزاولة المهنة.
وتكون مدة الترخيص لمكتب المحاماة الأجنبي بممارسة المحاماة في السعودية وفقاً للشروط والإجراءات السابقة خمس سنوات قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى، ويجب تقديم طلب التجديد قبل انقضائه بمدة لا تقل عن 90 يوماً من تاريخ انتهائه.
سمح نظام المحاماة السعودي لمكاتب المحاماة الأجنبية المرخص لها بتقديم خدماتها القانونية في السعودية بعدة مزايا، إلا إنه قد ميّز بين المكاتب المؤسسة في شكل شركة خدمات مهنية وبين المكاتب التي أسست فرع لها في السعودية.
حيث أجاز النظام لمكتب المحاماة الأجنبي المرخص له بمزاولة مهنة المحاماة في المملكة، الذي يتخذ الشكل الوارد في الفقرة (1) من المادة (الخمسين) من النظام أي في شكل “شركة خدمات مهنية”؛ أن يزاول جميع الأعمال المرتبطة بمزاولة مهنة المحاماة، مع مراعاة قصر الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم، واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها على المحامي السعودي المقيد في جدول المحامين.
أما بالنسبة لمكتب المحاماة الأجنبي المرخص له بمزاولة مهنة المحاماة في المملكة، الذي يتخذ الشكل الوارد في الفقرة (2) من المادة (الخمسين) من هذا النظام أي الذي أسس فرعاً له في المملكة؛ فتقتصر الأعمال التي يمكن أن يزاولها داخل المملكة على الأعمال الآتية:
من ناحية أخرى، ألزم النظام مكاتب المحاماة الأجنبية المرخص لها بعدة التزامات وفقاً للمادة 52 منه، وهذه الالتزامات هي:
يسعد شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية أن تعلن عن استعدادها للتعاون – وفق ما ورد في اللائحة التنفيذية الجديدة – مع شركة محاماة دولية ذات سمعة طيبة تهدف إلى فتح آفاق جديدة في السوق القانوني السعودي.