من أجل تقدّم ورفاهية الوطن والمواطن، تسعى حكومة المملكة العربية السعودية إلى مدّ جسور الشراكة المستدامة مع القطاع الخاص لتنفيذ خطط التنمية ضمن رؤية 2030، ولتحقيق ذلك تقدّم المملكة سبلاً لتسهيل إجراءات تلك الشراكة ودعم الشركات المتعاونة وتطويرها عبر برامج مخصصة لتحقيق الغايات والأهداف الوطنية.
ويتم ذلك من خلال التعاون بين الحكومة السعودية وشركات القطاع الخاص للتشارك في الخبرات والأصول المتاحة لكلا الطرفين لإيصال خدمة أو منتج يتعلق بالنفع العام، بالإضافة إلى إتاحة المشاركة في المصادر والمخاطر والأرباح المحتملة نتيجة هذا التعاون.
وفقاً لما ورد بنظام التخصيص السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/63) في 18 مارس 2021 وقرار مجلس الوزراء رقم (436) في 16 مارس 2021، تُعرف عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأنها “ترتيب تعاقدي مرتبط بالبنية التحتيّة أو الخدمة العامة، ينتج عنه علاقة بين الحكومة والطرف الخاص، وتتوافر فيه العناصر الآتية:
ومع الأخذ في الاعتبار حرية كل دولة في تحديد عناصر وشروط الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، فإن هذا التعريف يتفق مضمونه بشكل كبير مع تعريف الأمم المتحدة لهذا النوع من الشراكات، حيث عرفته بأنه “التعاون والأنشطة المشتركة بين القطاعين العام والخاص بغرض تنفيذ المشروعات الكبرى، وبحيث تكون الموارد والإمكانيات لكلا القطاعين مستخدمة معاً، وذلك بالطريقة التي تؤدي إلى اقتسام المسؤوليات والمخاطر بين القطاعين بطريقة رشيدة، لتحقيق التوازن الأمثل لكل من القطاعين”.
وقد حددت المادة (54) من اللائحة التنفيذية لنظام التخصيص السعودي أساليب الشراكة بين القطاعين العام والخاص على سبيل المثال لا الحصر، وهذه الأساليب هي:
كما حددت المادة (3) من اللائحة الحد الأدنى لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بألا تقل عن مبلغ 200 مليون ريال سعودي يتم احتسابها بناء على إجمالي القيمة الإسمية المتوقعة طوال مدة المشروع بعد احتساب النفقات الرأسمالية والتشغيلية والأصول المملوكة للحكومة والتي يمنح القطاع الخاص أي حقوق بشأنها، والالتزامات المالية المحتملة، والإيرادات المالية المتوقعة.
ووفقاً لنظام التخصيص السعودي ولائحته التنفيذية، يجب أن ترتبط مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالبنية التحتية أو الخدمة العامة، كقطاع التعليم والصحة والإسكان والبيئة وتدوير النفايات والمياه والكهرباء وكذلك قطاعات العمل والنقل والعدل والقطاع المالي والتجاري.
ولتقييم وتحديد فرص تخصيص المشروعات التي يمكن إسنادها للقطاع الخاص ضمن برنامج الشراكة وفقاً لنظام التخصيص السعودي، يتم استخدام معايير محددة مثل طبيعة النشاط، مستهدفات القطاع، النفقات الرأسمالية، الجودة والكفاءة، التكلفة، كفاءة الإدارة، التشغيل، القابلية للتمويل، التجارب السابقة.
تطمح مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية للدولة أهمها تحرير الأصول المملوكة للدولة أمام القطاع الخاص بالإضافة إلى تخصيص خدمات حكومية محددة وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، مما يحسن من جودة الخدمات المقدمة ويسهم في تقليل تكلفتها، كما يحفز من التنوع الاقتصادي وتعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة القدرة التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية علاوة على ذلك جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسين ميزان المدفوعات.
وقد نصت المادة الثالثة من نظام التخصيص السعودي على أهداف الحكومة من مشروعات الشراكة وهي:
يتم ذلك وفقاً لبرنامج التخصيص الذي أطلق في 2018 وسعى لتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات، وتطوير منظومة وآليات التخصيص، وتحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية، وذلك وفق مراحل محددة.
وقد نجح البرنامج في المرحلة السابقة في وضع الأطر العامة لمنظومة التخصيص من خلال إصدار نظام التخصيص وإنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يهدف إلى تنظيم الإجراءات المُتعلقة بمشاريع هذه المنظومة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وفق إجراءات تنظيمية بشكل شفاف وعادل، والتأكد من نزاهة الإجراءات المرتبطة بالعقود لتوفير بيئة تنظيمية واستثمارية جاذبة ومُحفزة للقطاع الخاص من أجل الاستثمار على المدى القصير والطويل، كما أسهم البرنامج أيضاً في تفعيل اللجان الإشرافية للقطاعات.
حيث وصلت إجمالي قيمة الاستثمارات من عمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى 62 مليار ريال سعودي، كما وصلت قيمة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 143 مليار ريال، وبلغت إجمالي القيمة المالية لكفاءة الإنفاق الحكومي من خلال عمليات الشراكة حوالي 14 مليار ريال سعودي.
لقد اشترطت المادة الثانية عشر من نظام التخصيص السعودي أن تتم إجراءات طرح مشروع التخصيص من خلال منافسة عامة أو منافسة محدودة أو بنظام التعاقد المباشر.
والقاعدة العامة وفقاً للمادة (69) اللائحة التنفيذية لنظام التخصيص أن يتم طرح مشروع التخصيص من خلال منافسة عامة، ولا يجوز استخدام أي وسيلة أخرى إلا وفق أحكام اللائحة وشروطها، إلا أن المادة (104) من اللائحة أجازت استخدام وسيلة المنافسة المحدودة في الحالات التالية:
كما أجازت المادة (107) من اللائحة استخدام أسلوب التعاقد المباشر في الحالات التالية:
للتعرف على نظام التخصيص السعودي، والنظام القانوني لطرح مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يسعد شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية أن تتابع بعد هذا المقال توضيح الخطوات والإجراءات القانونية المنصوص عليها في نظام التخصيص في سلسلة مقالات متتالية بإذن الله.