في الماضي القريب، ساد النظر إلى التطور التكنولوجي والتحول الرقمي والتعاملات الإلكترونية باعتبارها أدوات المستقبل في عالم المال والأعمال، ولم يتوقع الكثيرين أن هذا المستقبل قد يصبح حاضراً في غضون سنوات قليلة، وأن تصبح التجارة الإلكترونية أحد أهم وأفضل طرق الاستثمار وتحقيق الأرباح.
ومع انتشار معاملات التجارة الإلكترونية وتعاظم حجمها وإطلاق العديد من المتاجر الإلكترونية المختلفة، بالإضافة إلى الاتجاه المتزايد من المتسوقين نحو قضاء كافة احتياجاتهم من الخدمات أو المنتجات إلكترونيًا، خاصة مع أزمة جائحة كورونا (كوفيد – 19)، ظهرت الحاجة إلى وجود تنظيم قانوني للمعاملات التي تتم بهذه الطرق خاصة مع وجود مخاطر حقيقية تتعلق بحماية أمن المستهلك وتأمين أمواله من التلاعب بها.
لذلك كان من الضروري أن تهتم الحكومات بتنظيم عملية التجارة الإلكترونية من الناحية القانونية حتى يشعر المستهلك بمقاربة حقيقة بين المتاجر الإلكترونية والمتاجر التقليدية، خاصة فيما يتعلق بحماية حقوقه كمستهلك وبياناته الشخصية كمستخدم لمنصات المتاجر الإلكترونية.
ما هو المتجر الإلكتروني!
المتجر – أو المحل – الإلكتروني، هو منصة إلكترونية تتيح لموفر الخدمة عرض منتج أو بيعه، أو تقديم خدمة، أو الإعلان عنها أو تبادل البيانات الخاصة بها.
هكذا بكل بساطة! جاء تعريف المتجر الإلكتروني في نظام التجارة الإلكترونية السعودي، والذي يعرّف نشاط التجارة الإلكترونية أيضاً بأنها "نشاط ذو طابع اقتصادي يباشره موفر الخدمة والمستهلك – بصورة كلية أو جزئية – بوسيلة إلكترونية، من أجل بيع منتجات أو تقديم خدمات أو الإعلان عنها أو تبادل البيانات الخاصة بها.
ووفقاً لهذين المفهومين السابقين، يتضح مفهوم المتجر الإلكتروني، حيث يعبر عن محل افتراضي تم إنشاؤه بوسيلة إلكترونية يمكن الوصول إليها باستخدام الإنترنت لشراء أو استعراض أو الإعلان عن خدمة أو منتج سواء باشر نشاطه عبر الإنترنت فقط (Pure Play) – كموقع أمازون وموقع إيباي - أو كان له محل أو موقع مادي أو تقليدي يمكن زيارته بشكل شخصي (Click and Mortar) – مثل موقع بيست باي أو موقع تارجت-، فهو يعتبر صورة طبق الأصل من متجر البيع بالتجزئة الموجود في المحلات والأسواق التجارية ولكن في صورة حديثة ومتطورة لبيع المنتجات أو الخدمات للمستهلكين.
كيف تؤسس متجر إلكتروني في السعودية!
بخلاف ما يتعلق بمسائل التكنولوجيا وبرمجة الموقع أو التطبيق وتصميمه وحجز الاستضافة والدومين وتوفير بوابة الدفع الإلكترونية وغير ذلك من الأمور التقنية، يجب أن يتم اتخاذ بعض الإجراءات القانونية لترخيص المتجر الإلكتروني حتى يباشر نشاطه بشكل قانوني.
وبالرغم من اختلاف الأنظمة والتشريعات التي تتبناها الدول على مستوى العالم، إلا أنه هناك قواعد عامة واشتراطات أساسية تكاد تتفق عليها معظم الأنظمة والتشريعات القانونية في مختلف الدول، وذلك لأن المتجر الإلكتروني لا يقتصر - غالباً – في تقديم خدماته ومنتجاته على نطاق مكاني محدد.
وقد اهتمت المملكة العربية السعودية بوضع حزمة من الأنظمة والتشريعات لتنظيم عمليات التجارة الإلكترونية وتأسيس المتاجر الإلكترونية، أهمها نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية، نظام حماية البيانات الشخصية، بالإضافة إلى وضع مجموعة من الأدلة والإرشادات لمقدمي خدمات التجارة الإلكترونية والمستهلكين، مثل إرشادات الأمن السيبراني لموفري خدمة التجارة الإلكترونية، وإرشادات الأمن السيبراني لمستهلكي التجارة الإلكترونية، الدليل الإرشادي للمتاجر الإلكترونية، قائمة التقييم الذاتي لامتثال المتاجر الإلكترونية، الدليل التنظيمي لأمن المعلومات، مبادئ حماية عملاء المصارف.
ولتأسيس المتجر الإلكتروني، يجب على الشركة أو الشخص الذي يرغب في ممارسة هذا النشاط أن يتبع الإجراءات والقواعد المنصوص عليها في تلك الأنظمة واللوائح والإرشادات حتى يتمكن من ممارسة نشاطه بشكل رسمي. ومن أهم تلك الإجراءات ما يلي:
- استخراج سجل تجاري من وزارة التجارة والاستثمار أو وثيقة عمل حر من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لممارسة نشاط التجارة الإلكترونية .
- امتلاك حساب بنكي تجاري باسم المتجر الخاص بك في أحد البنوك السعودية.
- توفير وسيلة دفع إلكترونية آمنة وموثوقة من خلال القنوات البنكية المعتمدة.
- التسجيل على إحدى منصات توثيق المتاجر الإلكترونية واستخراج الترخيص.
شروط أخرى!
بعد القيام بتأسيس المتجر الإلكتروني من الناحيتين التقنية والقانونية، يلتزم من يباشر نشاط التجارة الإلكترونية من خلال المتجر الإلكتروني ببعض الالتزامات التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بينه وبين المستهلك، وحماية المستهلك من الخداع والتلاعب وتوفير تجربة رقمية آمنة للاستهلاك من خلال المتجر الإلكتروني، ومن أهم هذه الاشتراطات ما يلي:
- التعاقد مع شركة شحن لإيصال الطلبات إلى العملاء بشكل سريع.
- دعم المتجر الإلكتروني للمتجر للغة العربية.
- توفير البيانات الأساسية اللازمة مثل رقم الهاتف، البريد الالكتروني، العنوان، المحادثة الفورية مع العملاء، وأخيرًا طرق الدفع الالكتروني المختلفة.
- توضيح شروط التعاقد مع المستهلك وسياسات توصيل المنتج أو تقديم الخدمة ومصاريف الشحن وخطوات إتمام عملية الشراء.
- وجود سياسة واضحة وصريحة للاستبدال والاسترجاع ليطلع عليها المشتري قبل إتمام عملية الشراء.
توثيق المتجر الإلكتروني!
يعتبر بناء الثقة بين التاجر والمتسوق أحد أهم التحديات التي تواجه التجارة الالكترونية، ومن أهم الخدمات التي قدّمتها الحكومة السعودية لتوفير الإحساس بالأمان لدى المتسوقين أثناء استخدام المتاجر الإلكترونية للبحث عن احتياجاتهم ومتطلباتهم، خدمة توثيق المتجر الإلكتروني من خلال منصة "معروف".
حيث أطلقت وزارة التجارة والاستثمار السعودية بالتعاون مع شركة ثقة لخدمات الأعمال، خدمة "معروف" كطرف ثالث مهمته التحقق من كافة التجار الذين يطلقون متاجر إلكترونية وتوثيق تلك المتاجر والتأكد من جودة المنتجات المعروضة عليها، وذلك بغرض توفير إحساس المصداقية والأمان داخل نفوس المتسوقين تجاه المتجر الإلكتروني من ناحية، ولمنح أصحاب المتاجر الإلكترونية فرصة لتسويق متاجرهم بشكل فعّال من ناحية أخرى.
وبذلك تهدف خدمة "معروف" إلى بناء الثقة بين التاجر والمتسوّق خلال رحلة التسوق عبر الإنترنت داخل العديد من المتاجر الإلكترونية، ويتم ذلك من خلال ثلاثة مراحل أساسية، وهي:
- يقوم مالك المتجر الإلكتروني بتسجيل وتوثيق متجره وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة ببيع منتجاته وخدماته على منصة "معروف".
- بعد ذلك يتمكن المتسوّق من البحث داخل "معروف" عن المتاجر الإلكترونية الموثوق فيها حسب المنتج أو الخدمة التي يرغب فيها.
- يقوم المتسوّق بتقييم المتجر الذي قام بالتعامل معه بعد التجريب والقيام بإتمام الطلب والشراء، ويظهر هذا التقييم في البروفايل الخاص بالمتجر الإلكتروني على موقع "معروف".
وللتسجيل على منصة "معروف"، لا يشترط على المتجر الإلكتروني أي شروط محددة من أجل التسجيل، كما أن التسجيل على معروف مجاني، ومع ذلك يجب أن يلتزم المتجر الإلكتروني بما يلي:
- أن يكون اسم المتجر الإلكتروني عربياً ولائقاً ولا يخالف الشريعة أو الصالح العام.
- ألا يكون اسم المتجر الإلكتروني مشابهاً أو مطابقاً لاسم قائم أو محجوز.
وأخيراً..
يمكنك بلا شك تأسيس متجرك الإلكتروني بنفسك، ولكن لكي تتأكد من توافق متجرك مع النظام السعودي وعدم مخالفته لأي اشتراطات تطلبها النظام، يجب عليك اللجوء لأصحاب الخبرة في تأسيس الشركات التجارية سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، ومع شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية نستطيع أن نقدم لك خدمة تأسيس متجرك الإلكتروني في أسرع وقت وبأقل تكلفة ومتوافقاً مع كافة الأنظمة واللوائح.