سلسلة تأسيس الشركات (٧): الإطار القانوني لحوكمة الشركات - نظرة عامة!

27.11.22 10:43 AM - بواسطة Abdullah Al Shelikhi
"سنستفيد من أفضل الممارسات العالمية لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات"! تحت شعار "وطن طموح.. حكومته فاعلة.." جاءت تلك الكلمات لتؤكد على حرص المملكة العربية السعودية على اتخاذ اجراءات حوكمة الشركات في جميع قطاعات الدولة. وقد أصبح مفهوم الحوكمة ظاهراً بشكل كبير مع إصدار هيئة سوق المال السعودية لائحة حوكمة الشركات التي توضح القواعد والمعايير المنظمة لإدارة الشركة لضمان التزام الشركات بأفضل ممارسات حوكمة الشركات التي تكفل حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح، كما تبع ذلك إصدار مؤسسة النقد العربي السعودي لوائح حوكمة الشركات المدرجة تحت قطاعي البنوك والتأمين. ولأهمية حوكمة الشركات تقدم شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية هذا المقال ضمن سلسلة مقالات تأسيس الشركات للتعرف على مفهوم الحوكمة وأهميتها وأهدافها، بالإضافة إلى نظرة عامة على الإطار القانوني لحوكمة الشركات في المملكة العربية السعودية.

ماذا تعني الحوكمة!

طبقاً لمؤسسة التمويل الدولية (IFC) يمكن تعريف الحوكمة بأنها "النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها". كما يمكن تعريفها طبقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأنها "مجموعة من المبادئ التي تشجع على شفافية وكفاءة الأسواق، وتوفير الحماية للمساهمين وأصحاب المصالح ومحاسبة مجلس الإدارة عن مسؤوليته أمام الشركة والمساهمين". وقد عرفتها لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية السعودية بأنها "قواعد لقيادة الشركة وتوجيهها تشتمل على آليات لتنظيم العلاقات المختلفة بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والمساهمين وأصحاب المصالح، وذلك بوضع قواعد وإجراءات خاصة لتسهيل عملية اتخاذ القرارات وإضفاء طابع الشفافية والمصداقية عليها بغرض حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح وتحقيق العدالة والتنافسية والشفافية في السوق وبيئة الأعمال". بشكل عام، فإن الحوكمة تعبّر عن هيكل يشمل عناصر وعمليات يتم ربطها وترتيبها كأساسات للإدارة الجيدة الرشيدة، ويتم من خلالها الاستغلال الأفضل للموارد الموجودة، وإدارتها بصورة سليمة وفق معايير معينة تؤدي إلى استمرار الشركات في أداء دورها الاقتصادي، مثل الكفاءة، الشفافية، الفاعلية، المراقبة، المسائلة المالية والإدارية، والاستدامة.

لماذا الحوكمة؟!

تجيب هيئة السوق المالية السعودية على هذا السؤال ببساطة بقولها: "إن الشركات التي تطبق مبادئ الحوكمة تطبيقاً فعالاً تعزز مستوى الثقة والاطمئنان لدى مساهميها على استثماراتهم، لأن ذلك يعد مؤشراً على دراية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بالمخاطر التي تحيط بالشركة وبالتالي قدرتها على إدارة هذه المخاطر والحد منها، مما يساعد المستثمر على اتخاذ قراره الاستثماري مع مراعاة المعايير الأساسية الأخرى للاستثمار؛ وذلك لأن ممارسة الشركات للحوكمة ممارسة فعالة تؤدي إلى جذب المستثمرين واكتساب ثقتهم لما لها من مميزات أهمها توفير العدالة والشفافية لجميع أصحاب المصالح. كما وضع مجلس هيئة السوق المالية السعودية تسعة أهداف رئيسية لإصدار اللائحة التي تضمنت الإطار القانوني العام لحوكمة الشركات وهي لائحة حوكمة الشركات، وهذه الأهداف هي:
  • تفعيل دور المساهمين في الشركة وتيسير ممارسة حقوقهم.
  • بيان اختصاصات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية ومسؤولياتهما.
  • تفعيل دور مجلس الإدارة واللجان وتطوير كفاءتها لتعزيز آليات اتخاذ القرار في الشركة.
  • تحقيق الشفافية والنزاهة والعدالة في السوق المالية وتعاملاتها وبيئة الأعمال وتعزيز الإفصاح فيها.
  • توفير أدوات فعالة ومتوازنة للتعامل مع حالات تعارض المصالح.
  • تعزيز آليات الرقابة والمساءلة للعاملين في الشركة.
  • وضع الإطار العام للتعامل مع أصحاب المصالح ومراعاة حقوقهم.
  • زيادة كفاءة الإشراف على الشركات وتوفير الأدوات اللازمة لذلك.
  • توعية الشركات بمفهوم السلوك المهني وحثها على تبنيه وتطويره بما يلائم طبيعتها.
ويتضح مما سبق، أنه يمكن اعتبار حوكمة الشركات "صمام أمان" للشركات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، حيث تساعد على استمراريتها وتطورها، بالإضافة إلى المساهمة في تجنب الشركات للفشل المالي والإداري، تفعيل مبدأ الثواب والعقاب. كما يؤدي تطبيق الحوكمة إلى جذب المزيد من رؤوس الأموال من خلال خلق بيئة استثمارية آمنة مستقرة وممهدة وميسرة وذات مسؤولية وقادرة على حماية ممتلكات المستثمرين، وذلك بالإضافة إلى أنها تتيح للدائنين فرصة تقدير مخاطر الائتمان، ومراقبة مركز الشركة المالي. من جانب آخر، تساهم الحوكمة في الحد من الفساد من خلال زيادة الإشراف والرقابة الداخلية على توزيع الأموال واتخاذ القرارات.

النظام القانوني لحوكمة الشركات في السعودية!

حرصت المملكة العربية السعودية أثناء قيامها بثورتها التشريعية الحالية على شمول الأنظمة القانونية الجديدة لقواعد وتطبيقات الحوكمة والإلزام بها كلما أمكن ذلك، وذلك حتى يتسنى لهذه الأنظمة دعم الرؤية الطموحة للملكة واتباع منهجها الإصلاحي من خلال وضع محددات تخدم المصالح العامة والحقوق الخاصة. فبالنظر إلى نظام الشركات السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) في 28/1/1437، وكذلك نظام الشركات السعودي الجديد الذي سوف يحلّ محله خلال هذا العام، نجد أن النظامين قد اشتملا على تطبيق إجراءات وقواعد الحوكمة بدءاً من مرحلة التأسيس، وأثناء ممارسة الشركة لعملها، وتحولها، واندماجها، وتصفيتها، كما اشتملا على قواعد المسؤولية عن الأضرار التي سببتها الشركة أو أصابتها بسبب أحد المؤسسين أو المديرين أو أحد الذين اطلعوا على أسرارها بحكم موقعه أو منصبه فيها من المساهمين أو مراقبي الحسابات أو المصفين. كما أصدر مجلس هيئة السوق المالية في 16/5/1438 لائحة حوكمة الشركة، وذلك بناء على قانون الشركات الصادر في (1437)، وتم تعديل اللائحة في 1/6/1442 لمواكبة التطورات والمتغيرات المتسارعة في المملكة. حيث نجد في نظام الشركات - على سبيل المثال لا الحصر-، قواعد واضحة في مرحلة التأسيس، أهمها ما يتعلق بضرورة الكتابة والشهر، وتزويد الوزارة المختصة بنسخة من العقد التأسيسي، بالإضافة إلى إلزام الشركات بوضع اسمها ورقم قيدها ونوعها وعنوان مركزها الرئيسي على جميع العقود والمخالصات وبيان مقدار رأس مال الشركة والمدفوع منه. كما نجد أيضاً نصوصاً تتعلق بحقوق والتزامات الشركاء وحظر حصول أحدهم على أي منافع دون موافقة باقي الشركاء، بالإضافة إلى حقهم في المطالبة القضائية والتعويض عن أي أضرار ترتبت على الإخلال بتلك القواعد. كما تضمنت قواعد انسحاب الشريك و/أو تخارج بعض الشركاء، ووجوب تحديد نصيب كل شريك من الأرباح والخسائر. من ناحية أخرى، نجد أن النظام قد تناول جميع مبادئ الحوكمة في نصوصه، وذلك فيما يتعلق بالقواعد المنظمة للشركات المساهمة، وذات المسؤولية المحدودة، والقابضة، والشركات الأجنبية، وكيفية تحولها واندماجها، بالإضافة إلى الجزاءات المترتبة على عدم اتخاذ أي من إجراءات الحوكمة المنصوص عليها في النظام. وقد نصت المادة (94) من لائحة حوكمة الشركات تحت عنوان "تطبيق الحوكمة الفعّالة"، على أن: "يضع مجلس الإدارة قواعد حوكمة خاصة بالشركة لا تتعارض مع الأحكام الإلزامية في هذه اللائحة، وعليه مراقبة تطبيقها والتحقق من فعاليتها، وتعديلها عند الحاجة، وعليه في سبيل ذلك القيام بما يلي:
  • التحقق من التزام الشركة بهذه القواعد.
  • مراجعة القواعد وتحديثها وفقاً للمتطلبات النظامية وأفضل الممارسات.
  • مراجعة وتطوير قواعد السلوك المهني التي تمثل قيم الشركة، وغيرها من السياسات والإجراءات الداخلية بما يلبي حاجات الشركة ويتفق مع أفضل الممارسات.
  • إطلاع أعضاء مجلس الإدارة دوماً على التطورات في مجال حوكمة الشركات وأفضل الممارسات، أو تفويض ذلك إلى لجنة المراجعة أو أي لجنة أو إدارة أخرى."

يتبع..

كانت هذه نظرة عامة على الإطار القانوني لحوكمة الشركات في المملكة العربية السعودية، والتي نفخر في شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية بأن لدينا خبراء في مجال تطبيق إجراءات وقواعد الحوكمة في جميع أنواع الشركات، والتأكد من توافقها مع الأنظمة واللوائح.

Abdullah Al Shelikhi