في مقال سابق أشرنا إلى أن مهمة المستشار القانوني تبدأ من اللحظة التي تولد فيها فكرة المشروع التجاري أو السمة التجارية له، ثم يظهر دوره بشكل أكثر وضوحاً في كل مرحلة من مراحل وجود الشركة التجارية، بداية من التفاوض وصياغة العقود التجارية، ومروراً بزيادة رأس المال والتوظيف والاستغناء عن الوكلاء وتحصيل الديون، وانتهاء بتصفية الشركة.
وفي هذا المقال! سوف نركز على أهم الأعمال القانونية الدورية التي يضطلع بها المستشار القانوني للشركة، لحمايتها من أي مخاطر قانونية قد تترتب بناء على إغفال أو عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لأداء تلك الأعمال.
حيث تتنوع الأعمال القانونية التي يجب الاهتمام بها بشكل دوري – بحسب ما تنص عليه اللوائح والأنظمة - وتمتد لتغطي عدة جوانب من ضمنها أعمال الزكاة والضرائب، التأمينات الاجتماعية، التراخيص، تجديد ومتابعة العقود، وغيرها.
أعمال الزكاة والضرائب!
تتبنى المملكة العربية السعودية نظام إصلاح اقتصادي للوصول بمنظومة التجارة والاستثمار في المملكة إلى مرتبة متقدمة في مؤشر التنافسية العالمية، ومن ضمن أهم السياسات الإصلاحية التي تتبناها، سياسات تنمية الإيرادات غير النفطية، والتي من ضمنها إيرادات الزكاة والضرائب على الدخل والضرائب الانتقائية وغيرها.
ويتكون النظام الضريبي في السعودية من خمس ضرائب رئيسة، وهي:
- ضريبة الدخل والأرباح.
- الزكاة.
- الرسوم الجمركية.
- الضريبة الانتقائية.
- الضريبة على القيمة المضافة.
وينظم أداء كل نوع من أنواع الضرائب المذكورة شروط ومعايير تضعها هيئة الزكاة والضرائب والجمارك في المملكة ويجب أخذها في الاعتبار، وعلى المستشار القانوني للشركة معرفة الوعاء الضريبي الذي تخضع له الشركة ومؤسسيها بالإضافة إلى أنشطتها والسلع والخدمات التي تقدمها.
فعلى سبيل المثال، يختلف الوعاء الضريبي للسعوديين عن ذلك الذي يخص غير السعوديين، وحتى فيما يتعلق بغير السعوديين هناك تفرقة هامة بالنسبة لغير السعوديين ممن ينتمون إلى دولة من دول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم من غير السعوديين.
فالسعوديين، والشركات السعودية المملوكة بالكامل للسعوديين يؤدون فقط الزكاة الشرعية بقيمة 2.5% ولا يتم فرض أي ضريبة على الدخل عليهم.
أما غير السعوديين، وأيضاً الشركاء غير سعوديين في الشركات المقيمة بالسعودية أو الشركات المملوكة بالكامل للأجانب فيتم إلزامهم بأداء الضريبة التي تكون في حدود 20% من الأرباح المتحققة عن النشاط التجاري.
من ناحية أخرى، فقد يتم إقرار هذه الضريبة ليس وفقاً للجنسية، وإنما وفقاً لنوع النشاط ذاته، حيث تفرض على أرباح استثمارات الغاز الطبيعي ضريبة قدرها 20% من الأرباح، كما تفرض على أرباح الزيت والمواد الهيدروكربونية ضريبة تتراوح من 50% إلى 85% بحسب قيمة استثمارات الشركة.
هناك أيضاً الضريبة الانتقائية، والتي يتم أداؤها عن الأرباح المتحققة من تجارة أنواع معينة من السلع، مثل التبغ والسجائر ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية والمشروبات المحلاة.
وأخيراً، الضرائب على القيمة المضافة، وهي تفرض على الثمن المضاف للسلعة أو الخدمة في كل مرحلة من مراحل بيعها. وقد دخلت في النظام الضريبي السعودي في مطلع عام 2018 بموجب اتفاقية خليجية مشتركة بسعر 5%، ثم قررت الدولة رفعه إلى 15% اعتباراً من يوليو من عام 2020.
ويتولى المستشار القانوني للشركة بالتعاون مع المحاسب القانوني، تقديم الإقرارات الضريبية الدورية عن الدخل المتحقق للشركة بناء على نوع الضريبة التي تخضع لها.
وتظهر أهمية معرفة المواعيد التي يجب خلالها تقديم تلك الإقرارات الضريبية المتعلقة بالدخل أو القيمة المضافة، وذلك لاختلاف كل نوع من أنواع الضريبة فيما يتعلق بهذه الضريبة، فعلى سبيل المثال يتم تقديم الإقرار المتعلق بضريبة على القيمة المضافة بشكل ربع سنوي أي كل ثلاثة أشهر، في حين يتم تقديم الإقرار المتعلق بالضريبة على الدخل في نهاية كل سنة مالية، والتي غالباً ما يكون موعدها هو ذات موعد نهاية السنة المالية للدولة، ما لم تقرر الشركة اختيار موعد آخر لنهاية السنة المالية الخاصة بها.
التأمينات!
يخضع العمال الذين تربطهم بصاحب العمل علاقة تعاقدية, لأداء عمل بصورة رئيسية داخل المملكة مقابل أجر، أيا كانت طبيعة هذه العلاقة أو شكلها أو مدتها، ومهما يكن مبلغ الأجر المدفوع أو نوعه، للاشتراك الإلزامي في نظام التأمينات الاجتماعية، وتقوم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بإجراء التفتيش الميداني في كافة المجالات المتعلقة بتطبيق النظام واللائحة وبخاصة التأكد من التحقق من صحة التسجيل لكافة العمال لدى المنشأة وبأجورهم الحقيقية.
ومن هنا، تتضح أهمية مراعاة الأنظمة واللوائح المتعلقة بنظام التأمينات الاجتماعية للشركة والعمال الذين يرتبطون بها بعلاقة عمل، وعلى المستشار القانوني للشركة التأكد بصفة دورية من مدى توافق الاشتراك المدفوع عن العامل مع الأجر الذي يتقاضاه، وكذلك التأكد من دفع الاشتراكات في المواعيد المقررة لها في النظام، بالإضافة إلى مراعاة المواعيد المحددة لتقديم النماذج التأمينية.
حيث يشترط تقديم طلب تسجيل الشركة خلال أسبوعين من تاريخ استكمال شروط الخضوع عن طريق الخدمات الإلكترونية، كما يراعى تقــديم البيانات اللازمة عن العمال خــلال (15) يومـا الأولى مـن الشهر التالي لأول شهـــــــر مستحقة عنه الاشتراكات، وأيضاً تقديم الإشعار عن التحاق أي عامل جديد أو تركه للعمل خلال (15) يوماً مــــــن الشهر التالي لشهر التحاق العامل بالعمل أو تركه له.
ويفرض النظام عقوبة ضد صاحب العمل الذي لا يتقيد بأي حكم من أحكام هذا النظام ولوائحه بغرامة مالية لا تزيد على مبلغ (5000 ريال) لمخالفة نظام التأمينات الاجتماعية ويتم مضاعفة هذا الحد في حالة عودة صاحب العمل إلى نفس المخالفة، كما أن هذه الغرامة تتعدد بتعدد العمال المشتركين الذين ارتكب صاحب العمل بصددهم مخالفة أو أكثر.
وبذلك، يجب على المستشار القانوني للشركة، أن يتأكد من مراعاة كافة المواعيد الدورية المقررة في النظام للتأكد من عدم وقع الشركة في أي مخالفة من مخالفات النظام، حتى لا تقع الشركة تحت طائلة العقوبة.
تجديد التراخيص!
هناك العديد من التراخيص التي تقوم الشركة باستصدارها وهي بصدد البدء في نشاطها التجاري، ولكل نوع من أنواع تلك التراخيص مواعيد محددة في النظام للتجديد، كما أن هناك مواعيد محددة لإضافة البيانات والمعلومات التي تم تغييرها أثناء سريان الترخيص وقبل انتهاء مدته.
ومن التراخيص التي يمكن ذكرها كمثال، ترخيص الشركة، ترخيص العلامة التجارية، تراخيص الهيئات المتخصصة بالنسبة للسلع أو الخدمات التي يشترط النظام الحصول عليها، على سبيل المثال لا الحصر، المنتجات الغذائية والمنتجات الدوائية، التي يجب الحصول على ترخيص من الهيئة السعودية للدواء والغذاء قبل إنتاج هذا النوع من المنتجات وفقاً لاشتراطات مختلفة ومتنوعة بحسب نوع المنتج.
غالباً، ما تكون المدة المحددة لتجديد الترخيص طويلة نسبياً وقد تصل إلى عشرون عاماً بالنسبة للمنتجات المصحوبة ببراءة اختراع مثلاً، إلا إنه هناك تراخيص يجب تجديدها سنوياً أيضاً، أو كل ثلاث سنوات، خمس سنوات، وما إلى ذلك.
لذلك، تعتبر عملية متابعة التراخيص وتجديدها، من أهم الأعمال الدورية التي يجب أخذها في اعتبار الشركة ومستشارها القانوني، والاهتمام بالحفاظ على سريان تلك التراخيص الممنوحة لها من خلال تجديدها في المواعيد المقررة لها.
تجديد ومتابعة العقود!
بالنظر إلى ضرورة أن تهتم الشركات والأنشطة التجارية بتوثيق كافة المعاملات التي تدخل فيها سواء كانت تلك المعاملات تتعلق بعلاقات العمل بينها وبين موظفيها، أو تلك التي تتعلق بالتوريدات أو المبيعات أو التخصيص والانتفاع بمقر الشركة أو غير ذلك من أنواع العلاقات. فإن الشركة غالباً ما يكون لديها العديد من أنواع العقود التي يجب أن يتم الاحتفاظ بها ومراعاة بنودها وتجديدها في المواعيد المتفق عليها داخل هذه العقود.
وتمثل عملية تجديد ومتابعة العقود التي تدخل الشركة كطرف فيها، أهم الأعمال القانونية الدورية التي يجب الاهتمام بها ومراجعتها بشكل دوري، للتأكد من سريان تلك العقود وبالتالي عدم تعرض الشركة لخسارة علاقة عمل أو علاقة تجارية بسبب عدم التجديد.
وأخيراً..
تعتبر الأعمال القانونية الدورية للشركة، من أهم الأعمال التي يجب على الإدارة القانونية أو المستشار القانوني الاهتمام بها، وأياً كان حجم أعمالك القانونية نستطيع أن نؤكد لك أن اختيارك لشركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية يمكن، بل سيكون أفضل اختيار بالنسبة لأعمالك التجارية.