عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية: الأداة الأمثل لتطوير البنية التحتية!

18.01.23 06:53 AM - بواسطة Abdullah Al Shelikhi
من أجل تقدّم ورفاهية الوطن والمواطن، تسعى حكومة المملكة العربية السعودية إلى مدّ جسور الشراكة المستدامة مع القطاع الخاص لتنفيذ خطط التنمية ضمن رؤية 2030، ولتحقيق ذلك تقدّم المملكة سبلاً لتسهيل إجراءات تلك الشراكة ودعم الشركات المتعاونة وتطويرها عبر برامج مخصصة لتحقيق الغايات والأهداف الوطنية.

ويتم ذلك من خلال التعاون بين الحكومة السعودية وشركات القطاع الخاص للتشارك في الخبرات والأصول  المتاحة لكلا الطرفين لإيصال خدمة أو منتج يتعلق بالنفع العام، بالإضافة إلى إتاحة المشاركة في المصادر والمخاطر والأرباح المحتملة نتيجة هذا التعاون.

ما هي عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص (PPPs)!

 
وفقاً لما ورد بنظام التخصيص السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/63) في 18 مارس 2021 وقرار مجلس الوزراء رقم (436) في 16 مارس 2021، تُعرف عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص بأنها “ترتيب تعاقدي مرتبط بالبنية التحتيّة أو الخدمة العامة، ينتج عنه علاقة بين الحكومة والطرف الخاص، وتتوافر فيه العناصر الآتية:
  • أن تكون مدته (خمس) سنوات فأكثر.
  • أن يؤدي الطرف الخاص بموجبه أعمالاً تشمل اثنين أو أكثر مما يأتي: تصميم الأصول أو تشييدها أو إدارتها أو تشغيلها أو صيانتها أو تمويلها، سواءً أكانت الأصول مملوكة للحكومة أم للطرف الخاص أم لكليهما.
  • وجود توزيع نوعي وكمّي للمخاطر بين الحكومة والطرف الخاص.
  • يكون المقابل المالي الذي يستحقه الطرف الخاص أو يلتزم به بموجب هذا الترتيب التعاقدي؛ مبنيًّا بشكل أساس على مستوى أدائه في تنفيذ الالتزامات المسندة إليه
ومع الأخذ في الاعتبار حرية كل دولة في تحديد عناصر وشروط الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، فإن هذا التعريف يتفق مضمونه بشكل كبير مع تعريف الأمم المتحدة لهذا النوع من الشراكات، حيث عرفته بأنه “التعاون والأنشطة المشتركة بين القطاعين العام والخاص بغرض تنفيذ المشروعات الكبرى، وبحيث تكون الموارد والإمكانيات لكلا القطاعين مستخدمة معاً، وذلك بالطريقة التي تؤدي إلى اقتسام المسؤوليات والمخاطر بين القطاعين بطريقة رشيدة، لتحقيق التوازن الأمثل لكل من القطاعين”.
وقد حددت المادة (54) من اللائحة التنفيذية لنظام التخصيص السعودي أساليب الشراكة بين القطاعين العام والخاص على سبيل المثال لا الحصر، وهذه الأساليب هي:
  • تشييد – تشغيل – نقل (BOT).
  • تشييد – تملّك – تشغيل (BOO).
  • تشييد – تملّك – تشغيل – نقل (BOOT).
  • تشييد – نقل – تشغيل (BTO).
  • تصميم – تشييد – صيانة (DBM).
  • تصميم – تشييد – تشغيل (DBO).
  • تصميم – تشييد – تمويل – صيانة (DBFM).
  • تصميم – تشييد – تمويل – تشغيل – صيانة (DBFOM).
  • تصميم – تشييد – تمويل – تشغيل (DBFO).
  • تصميم – تشييد – إدارة – تمويل (DCMF).
  • إعادة تأهيل – تملّك – تشغيل (ROO).
  • أي أسلوب آخر من أساليب الشراكة ينطبق عليها تعريف الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوافق عليه الجهة المختصة عند الموافقة على الوثيقة.
كما حددت المادة (3) من اللائحة الحد الأدنى لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بألا تقل عن مبلغ 200 مليون ريال سعودي يتم احتسابها بناء على إجمالي القيمة الإسمية المتوقعة طوال مدة المشروع بعد احتساب النفقات الرأسمالية والتشغيلية والأصول المملوكة للحكومة والتي يمنح القطاع الخاص أي حقوق بشأنها، والالتزامات المالية المحتملة، والإيرادات المالية المتوقعة.
ووفقاً لنظام التخصيص السعودي ولائحته التنفيذية، يجب أن ترتبط مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالبنية التحتية أو الخدمة العامة، كقطاع التعليم والصحة والإسكان والبيئة وتدوير النفايات والمياه والكهرباء وكذلك قطاعات العمل والنقل والعدل والقطاع المالي والتجاري.
ولتقييم وتحديد فرص تخصيص المشروعات التي يمكن إسنادها للقطاع الخاص ضمن برنامج الشراكة وفقاً لنظام التخصيص السعودي، يتم استخدام معايير محددة مثل طبيعة النشاط، مستهدفات القطاع، النفقات الرأسمالية، الجودة والكفاءة، التكلفة، كفاءة الإدارة، التشغيل، القابلية للتمويل، التجارب السابقة.

مزايا وأهداف الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟!

تطمح مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية للدولة أهمها تحرير الأصول المملوكة للدولة أمام القطاع الخاص بالإضافة إلى تخصيص خدمات حكومية محددة وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، مما يحسن من جودة الخدمات المقدمة ويسهم في تقليل تكلفتها، كما يحفز من التنوع الاقتصادي وتعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة القدرة التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية علاوة على ذلك جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسين ميزان المدفوعات.

وقد نصت المادة الثالثة من نظام التخصيص السعودي على أهداف الحكومة من مشروعات الشراكة وهي:

  • المساعدة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجهات الحكومية، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة، ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ذات الصلة بمشاريع التخصيص.
  • رفع مستوى شمولية وجودة الخدمات وتوفيرها في الوقت والتكلفة المناسبين، ورفع كفاءة الأصول ذات الصلة بمشاريع التخصيص، وتحسين مستوى إدارتها، والعمل على تجهيز أو إعادة هيكلة القطاعات والأجهزة والأصول والخدمات العامة المراد تخصيصها.
  • تحفيز القطاع الخاص المحلي والأجنبي على الاستثمار والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع تحقق الجدوى التنموية للحكومة والجدوى الاقتصادية للقطاعين العام والخاص، وزيادة حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي بما يحقق نموًّا في الاقتصاد الوطني.
  • العمل على توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول الحكومية، وزيادة فرص العمل والتشغيل الأمثل للقوى الوطنية العاملة.

يتم ذلك وفقاً لبرنامج التخصيص الذي أطلق في 2018 وسعى لتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات، وتطوير منظومة وآليات التخصيص، وتحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، ودعم المساهمة في التنمية الاقتصادية، وذلك وفق مراحل محددة.

وقد نجح البرنامج في المرحلة السابقة في وضع الأطر العامة لمنظومة التخصيص من خلال إصدار نظام التخصيص وإنشاء المركز الوطني للتخصيص الذي يهدف إلى تنظيم الإجراءات المُتعلقة بمشاريع هذه المنظومة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وفق إجراءات تنظيمية بشكل شفاف وعادل، والتأكد من نزاهة الإجراءات المرتبطة بالعقود لتوفير بيئة تنظيمية واستثمارية جاذبة ومُحفزة للقطاع الخاص من أجل الاستثمار على المدى القصير والطويل، كما أسهم البرنامج أيضاً في تفعيل اللجان الإشرافية للقطاعات.

حيث وصلت إجمالي قيمة الاستثمارات من عمليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى 62 مليار ريال سعودي، كما وصلت قيمة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 143 مليار ريال، وبلغت إجمالي القيمة المالية لكفاءة الإنفاق الحكومي من خلال عمليات الشراكة حوالي 14 مليار ريال سعودي.


إجراءات الشراكة!

 
لقد اشترطت المادة الثانية عشر من نظام التخصيص السعودي أن تتم إجراءات طرح مشروع التخصيص من خلال منافسة عامة أو منافسة محدودة أو بنظام التعاقد المباشر.
والقاعدة العامة وفقاً للمادة (69) اللائحة التنفيذية لنظام التخصيص أن يتم طرح مشروع التخصيص من خلال منافسة عامة، ولا يجوز استخدام أي وسيلة أخرى إلا وفق أحكام اللائحة وشروطها، إلا أن المادة (104) من اللائحة أجازت استخدام وسيلة المنافسة المحدودة في الحالات التالية:
  • وجود عدد محدود لا يزيد عن ثلاثة أشخاص مؤهلين (داخل وخارج المملكة) يملكون التقنية أو القدرة الفنية اللازمة لتنفيذ مشروع التخصيص بناءً على الوثيقة الموافق عليها.
  • أن يكون مشروع التخصيص طُرح من خلال المنافسة العامة وفقًا للائحة ولم تتوفر في المتنافسين المشاركين المعايير المطلوبة للتأهيل أو لم تتوفر في عروضهم المعايير المطلوبة لاختيار صاحب أفضل عرض.
  • الحالات الطارئة التي يكون فيها تهديد للسلامة العامة أو الأمن العام أو الصحة العامة مؤكدًا وغير متوقع، أو يكون فيها إخلال يُنذر بخسائر في الأرواح، أو الممتلكات، أو بتوقف تقديم الخدمة العامة، والتي لا يمكن التعامل معها بإجراءات المنافسة العامة.
كما أجازت المادة (107) من اللائحة استخدام أسلوب التعاقد المباشر في الحالات التالية:
  • الحالات الطارئة التي يكون فيها تهديد للسلامة العامة أو الأمن العام أو الصحة العامة مؤكدًا وغير متوقع، أو يكون فيها إخلال يُنذر بخسائر في الأرواح، أو الممتلكات، أو بتوقف تقديم الخدمة العامة، والتي لا يمكن التعامل معها بإجراءات المنافسة العامة أو المنافسة المحدودة.
  • طرح مشروع التخصيص من خلال المنافسة المحدودة وفقًا للائحة، وعدم التمكن من الوصول إلى اتفاق مع أي من المتنافسين، أو عدم استلام أي بيان مؤهلات أو عرض بشأنه؛ وكان من المرجّح عدم استلام أي بيان مؤهلات أو عرض فيما لو تم إعادة طرح المشروع.
  • وجود شخص واحد فقط مؤهل يملك التقنية أو القدرة الفنية اللازمة لتنفيذ مشروع التخصيص بناءً على الوثيقة الموافق عليها.
  • احتياج مشروع التخصيص للاستفادة من حقوق ملكية فكرية (مثل براءات الاختراع) مملوكة لشخص واحد فقط، وعدم وجود بدائل لتلك الحقوق.

يتبع..

للتعرف على نظام التخصيص السعودي، والنظام القانوني لطرح مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يسعد شركة الألف للمحاماة والاستشارات القانونية أن تتابع بعد هذا المقال توضيح الخطوات والإجراءات القانونية المنصوص عليها في نظام التخصيص في سلسلة مقالات متتالية بإذن الله.

Abdullah Al Shelikhi